التوازن بين الأسرة والعمل
بعض الشباب وخصوصًا الذين هم في مقتبل الحياة الزوجية، وفي نفس الوقت هم في مقتبل الحياة العملية، تجده يقع في حيرةٍ من أمره، فهناك التزامات أسرية يجب القيام بها، وفي نفس الوقت هناك متطلبات في العمل يجب أن يتم تأديتها، خاصةً من أولئك الذين يحرصون على إثبات أنفسهم وعرض مواهبهم وقدراتهم في العمل.
هناك شباب ممَّن كان قبل مرحلة الزواج من المدمنين على العمل، يعيش حالة حرجة بعد الزواج، ففي الماضي كان وحيدًا، فكان يمكنه أن يبقى في العمل لساعاتٍ متأخرة، فلا أحد ينتظره أو يسأل عنه وليس عليه أي التزامات يجب أن يقوم بها، أما اليوم وبعد الزواج فالوضع اختلف، فهناك امرأة تنتظره في المنزل، وقد قامت بإعداد وجبة طعام، فلا يمكن أن يتأخر في العمل كما كان يفعل في الماضي.
مثل هذه الظروف تحتاج من هؤلاء إلى أن يتوقفوا ويعيدوا النظر في أسلوب حياتهم العملية، فلا مانع أن يحافظوا على تميزهم في العمل، ولكن دون أن يؤثر هذا الأمر على مستوى العلاقات الأسرية، إذ إن المحصلة في نهاية المطاف قد تكون سيئة على المستويين، إذ لن يستطيع الموظف المواصلة في عمله على هذا النحو، وفي المقابل ستسوء علاقته بأسرته، مما قد يُهدِّد استمرار حياتهم الزوجية.
العاقل هو الذي يوازن بين الأمور، ويعطي كل شيء حقه، فلا إفراط ولا تفريط، فيؤدي عمله على أكمل وجه، ويصبح متميزًا فيه، وفي المقابل يكون خادم أهله، فيُلبِّي احتياجاتهم، ويسعى في مصالحهم، فهُم أحد سبل النجاح وبدعمهم ومساندتهم يمكن أن يُحقِّق العديد من الإنجازات سواء في حياته العملية أو الزوجية.
التوازن بين الأسرة والعمل؛ من الأمور التي يجب على الإنسان أن يجعلها نصب عينيه، وأن يهتم بها وأن تكون في مقدمة أولوياته، وأن لا يجعل نجاحه في العمل على حساب خسارة علاقته مع أسرته، فإن فعل فهو عاجلًا أو آجلا سيخسر الاثنين، على الرغم من أنه لو خسر عمله مقابل كسب أسرته، فلعل الله يرزقه عملًا؛ خيرًا من عمله الحالي.
إن البعض يتوهَّم بأن تضحيته في العمل هو من أجل الأسرة، في الوقت الذي هو يُضحِّي ليس من أجل أسرته، بل من أجل نفسه، ولو قام بعرض الأمر على أسرته، لأكدوا له بأنهم في غنى عن هذه التضحية، وأنهم يريدونه أن يكون متوازنًا، وأن يعطي كل شيء حقه.
