النشأة

إنتشار قبيلة تجكانت

بعد عدة حروب طاحنة استمرت لمدة 18عاماً، اصطف فيها أحد عشر فخذاً من قبيلة تجكانت في صف واحد، واصطف فخذ لقواليل في الصف المقابل له، أسفرت هذه الحروب في نهايتها عن سيطرة فخذ لقواليل على مدينة تنيقي التاريخية، وهو ما أجبر الأفخاذ الأحد عشر للخروج منها والبحث عن مدن وأماكن أخرى للعيش فيها.

اتجهت معظم الأفخاذ النازحة من تنيقي إلى اتجاهين رئيسيين الأول إلى الشمال نحو تندوف، التي سبق واستوطنها أجداد قبيلة تجكانت لمدة تقارب 70عاماً، وذلك قبل انتقالهم إلى تنيقي التي استمروا فيها مدة 400 عام وفيها استقلوا عن المكون الذي يربطهم بالمرابطين وأسسوا قبيلة مستقلة أطلق عليها لقب تجكانت نسبة إلى أبيهم الأكبر جاكن الأبر، وقد استقر تكتلهم الديموغرافي فيما يعرف اليوم بموريتانيا، والجزائر، والمغرب وهم الآن يشكلون جزءاً كبيراً من شعوب هاتين الدولتين.

أما الاتجاه الثاني فكان إلى الجنوب حيث استوطن بعضهم المناطق الشاسعة في وسط بلاد الحوض، وتعرف اليوم باسم ولاية الحوض الشرقي، وولاية الحوض الغربي، في الجنوب الشرقي لدولة موريتانيا على الحدود الغربية مع دولة مالي.

وتحديداً منطقة أفله وتتكون من مثلث يمتاز بتربته الخصبة، ومياهه الغزيرة، كما أنه متنوع التضاريس يجمع ما بين الصحاري والهضاب والسهول والوديان، ويقع هذا المثلث ما بين ولاية تكانت، وولاية الحوض الغربي، وولاية لعصابة، ولا تفصله عن تنيقي سوى صحراء آدرار من جهة الشمال.

واستمر نزوح البعض الآخر فاستوطن في بلاد الترارزه وهي الآن منطقة في الجنوب الغربي لدولة موريتانيا، تحمل اسم ولاية الترارزة، وتضم في نطاقها الجغرافي العاصمة الموريتانية نواكشوط، ومن هؤلاء أولاد موساني، وبعض من فخذ الرماضين، وجزء من فخذ الزلامطه، وأهل الحاج المختار.

ما خلف نهر السنغال وبلاد أزواد:

لم تتوقف قبيلة تجكانت عند هذا الحد الجغرافي، فكما كان أسلافهم يجوبون هذه المناطق عبر التاريخ القديم أثناء تأسيس دولتهم دولة المرابطين، سار أحفادهم على نفس الطريق لكن في اتجاه مختلف وهو النزوح حتى وصلوا إلى المناطق الجنوبية الغربية المعروفة اليوم بدولة السنغال، ولا تزال هذه الفئات متمسكة بأصلها الجكني ويطلق عليهم اسم بابوات.

بينما استمرت رحلة نزوح فئات أخرى من تجكانت وتفرقوا في المناطق الصحراوية شرقاً في ما يعرف اليوم بمالي وتحديداً منطقة الشمال وهي ولاية كيدال، وولاية غاو، وولاية تنمبكتو، وتسمى هذه الولايات الثالثة قديماً ببلاد أزواد، ولا تزال هذه الفئات متمسكة بأصلها الجكني ويطلق عليهم اسم الوسرة.

آثار طريق المرابطون:

إذا تتبعنا رحلة النزوح الجكني نجد أن هذه المناطق التاريخية التي نزح إليها أفخاذ تجكانت الأحد عشر تعتبر إما مدناً تجارية كبرى على الطرق التجارية القديمة لدولة المرابطين، أو أنها قرى وهجرات قريبة منه، وكانت هذه الطرق شريان الحياة للدولة المرابطية، وكذلك الدول المتعاقبة بعدها.

النازح الأخير:

بعد خروج الأفخاذ الأحد عشر وبقاء لقواليل في مدينة تنيقي تحكي الروايات الشفوية عن بقائهم مدة 15عاماً، بدأت بعدها رحلة المغادرة بالتدريج في منتصف القرن الحادي عشر هجري، وذلك خلال الفترة الممتدة بين عام 1055 وعام 1060هجري، بعد موجات من الجفاف القاحل التي عصفت بالمنطقة بأكملها.

ولم يكن الجفاف هو المسبب الوحيد لهذا النزوح، فكما كان للطرق التجارية للمتونية القديمة دوراً بارزاً في ازدهار مدينة تنيقي، كان لها دوراً كبيراً في انهيارها، إذ شهدت طرق التجارة القديمة عدة صعوبات في تسيير القوافل إما بسبب الجفاف الذي ضرب المنطقة منذ مطلع القرن الحادي عشر، أو بسبب تعاقب الدول بعد دولة المرابطون.

وقد شهدت الفترة التي حكمت فيها الدولة السعدية والتي امتد حكمها من العام 961 وحتى العام 1069هجري، التأثير الأكبر على طريق التجارة المؤدي إلى تمبكتو، والذي كان يمر من تنيقي، وهو ما كان له التأثير الأكبر عليها، وقد انهار حكم الدولة السعدية بعد 9 سنوات فقط من انهيار مدينة تنيقي التاريخية.

قبيلة تجكانت

تجكانت قبيلة عربية ينتشر أبناؤها في شمال وغرب إفريقيا إضافة للشرق الأوسط، انطلاقًا من مدينة تنيقي التاريخية على ضفاف وادي إرغيوى شمال صحراء آدرار بموريتانيا.
زر الذهاب إلى الأعلى