شخصيات

المختار محمدسعيد المستحي من الله الجكني

ول بون

هو العلامة المختار بن محمد سعيد ابن المستحي من الله بن سيد اعل بن زلماط الجكني، المعروف بلقبه ول بون وأصل هذا اللقب كلمة (ول) من ولد و كلمة بونَ من (أبينا)، وهي اللهجة الدارجة في بلاد شنقيط المعروفة اليوم بموريتانيا، أطلقته والدته عليه نسبة لأحد آبائها وهو محمد سعيد بن تكدي الذي عاش في القرن العاشر الهجري، واسم والدته ميرم بنت بخيري من فخذ أولاد موساني، وقد غلب هذا اللقب على الشيخ حتى لا يكاد يسمع اسمه الحقيقي له إلا نادراً، وهو أخ فاطمة محمدسعيد المستحي من الله الجكني 1زروق، سيد. (2014). مشاهير العالمات والصالحات الموريتانيات. ط1. وزارة الثقافة والشباب والرياضة، إدارة الثقافة والفنون. موريتانيا، نواكشوط.

يعتبر العلامة ول بون من أعظم علماء بلاد شنقيط أثراً في حياتها الثقافية في القرن الثاني عشر هجري، الموافق للقرن الثامن عشر ميلادي، حيث يرجع له الفضل الكبير في نشر علوم النحو، والمنطق، والبلاغة، وأصول الفقه، وإليه ترجع أغلب مراجعها وأسانيدها.

اشتهر العلامة ول بون بكراماته وقوة شخصيته وعمق رؤيته، ولم يكن له مماثل في عصره في العلم، وله الفضل على الكثير ممن جاء بعده، وقد تخرجت على يده كوكبة من علماء بلاد شنقيط.

مولده ونشأته:

ولد العلامة ول بون بمنطقة تسمى اكفليت، وتبعد عن مدينة بتلميت 35كلم إلى جهة الجنوب، وتعد مدينة بتلميت مركز المقاطعة في ولاية اترارزة في موريتانيا.

لكن ليس من السهل تحديد تاريخ ولادته، لا لكونه ولد في بيئة بدوية لا تحفل بكتابة التاريخ وتقادم عهدها فحسب، ولكن أيضا لاختلاف الروايات وتباين آراء الباحثين حول فترة عمره بعد التسليم أنه توفي سنة عام 1220 للهجرة وهو ما يمثل السند التاريخي الذي يمكن الارتكاز عليه لتحديد زمن ميلاده.

بينما جزم بعضهم أن مولده كان سنة 1080 للهجرة2الخليل، النحوي.(1987). بلاد شنقيط المنارة والرباط. ط1. المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. تونس. بينما رى فريقا ثالثاً أنه عاش مائة وعشرين عاماً فقط وعليه يكون تاريخ ولادته 1100هجري. 3المختار بن بونا، مبلغ المأمول إلى قواعد الأصول، تحقيق: محمد محمود بن محمد الأمين ومحمد بن محمد الأمين، المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية، 1986-1987

وقد رجح عند البعض أن مولد الشيخ كان 1080هجري، لما قاله ابن حامد الملقب بابن خلدون موريتانيا، وهو شاعر وعلامة ومؤرخ واسع المعرفة من مواليد 1315هجري عاش في آخر حياته في المدينة المنورة وتوفي بها، إذ أكد في كتابه أن ابن بونا عاش 140عاماً كما ورد في كتابه حياة موريتانيا وتحديداً الصفحة رقم 71. كما عثر على بيتين في وثيقة بخط الحاج بن فحف المسومي وهي في ملك حفيده الشاعر إسلم بن محمد محمود نظم فيها بعض العلماء عمر الشيخ بقولهم:

وعن ثقاث عن ثقات عاشا
نيفا من بعد مائة معاشا

وأثبتوا بالحق أن النيفا
“ميم” بعيدها وقيت الحيفا

نشأته:

نشأ الشيخ بن بون في بيت جذوره ممتدة في العلم والصلاح، وكان أخوه الأكبر أحمد مزيد يصحبه معه إلى المحظرة، وكان بليداً في أول طلبه للعلم حتى عيره البعض بالجهل. وبعد صبر ومثابرة فتح الله عليه، ويقال أنها بعد نومة طويلة عندما كان يدرس على المختار بن حبيب الجكني.

فأصبح لا يقرأ شيئاً إلا حفظه وفهمه، ودرس على مجموعة من شيوخ عصره منهم محمد العاقل الديماني ومن هنالك انطلقت معه مجموعة من الطلبة  الذين شكلوا النواة الأولى لمحظرته، والتي كانت من أعظم المدارس في عهدها تتدفق بمعين علمي سلسبيل، يعطي للعقل حقه ويستخدم مختلف الأدوات، من منطق، ودراسة موسوعية للنحو وأصول الفقه وغير ذلك.

عطائه العلمي:

ﻟﻤﺎ ﺷﺎﻉ ﻧﺒﻮغ العلامة ول بون ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، أصبح طلاب العلم يرتحلون ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﺸﺎﺳﻌﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ ﻟﻄﻠﺒﺘﻪ، ﺟﻮﺍﺩﺍً ﺑﻤﺎ ﻳﻤﻠﻚ، ﺇﻻﺃﻧﻪ ﻗﻠﻴﻞ ﺍﻹﻗﺎﻣﺔ ﻓﺸﻖَّ ﺫﻟﻚ على ﺗﻼﻣﺬﺗﻪ ﻟﺘﻌﻄﻞ سير العملية التعليمية ﻭﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻡ ﻣﻘﺎﻣﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺭﻭﺱ، ﻷﻥ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖة ﺍﻟﺘﻲ ﺇبتكرها لطلابه ﻻﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻏﻴﺮﻩ.

اشتغل العلامة ول بون بالتدريس والإفتاء، وأسّس محضرته الخاصة باسمه (محظرة ول بون)، وقد كان نشيطاً دينياً وسياسياً، حتى اعتُبر الزعيم الروحي لمنطقة تكانت، وقد جمع بين التدريس والتأليف فكانت صفاته العلمية تمثل النموذج الأمثل لشيخ المحظرة المعلِّم المؤلِّف، وتلقّى علومه الدينية والعربية على يدي أبرز علماء عصره، حتى صار أحد مؤسسي المنهج العلمي في بلاد شنقيط، وقد قام الزركلي بتسليط الضوء في كتابه الذي يحمل اسم الأعلام على أبرز شيوخه وطلابه.

و ظهرت أولى مؤلفات العلامة ول بون سنة 1123هجري، وهو كتاب مبلغ المأمول إلى قواعد الأصول، ثم كتاب تحفة المحقق في حل مشكلات المنطق سنة 1151هجري.

وقد تألق عطاء مدرسة العلامة ول بون ابتداء من الربع الأخير من القرن الثاني عشر هجري، فقد كانت محظرته من أعظم المدارس في عهدها، فكانت تجمع أبناء بلاد شنقيط وما حولها، فلم تكن مدرسة لقبيلة بعينها ولا لجهة معينة وإنما كانت مدرسة شامخة تعمل على نشر العلوم، ولهذا شاع في القبائل ذكره حتى تنافست في استضافته وكسب وده بل ما من قبيلة إلا وتتلمذ عليه أفراد منها.

ومن هنا أتت مقولة صاحب الوسيط : تاج العلماء الذي طوق بحلي علمه كل عاطل ووردتْ هيم الرجال زلاله فصدر عنه كلهم وهو ناهل.

ولقد كانت مدرسة العامة ول بون مدرسة تعطي للعقل حقه، وتستخدم مختلف الأدوات، من منطق؛ ودراسة موسوعية للنحو؛ وأصول الفقه؛ وغير ذلك، ولذا وصفها البعض بأنها كانت مدرسة موسوعية في منهجيتها وفي محتواها.

من أبرز شيوخه:

  • المختار بن حبيب الجكني 4بزيد، سيد. (1414هـ). معجم المؤلفين في القطر الشنقيطي. ط1. موريتانيا، نواكشوط.
  • حبييب بن محمد الجكني.
  • انجبنان بن أحمد جهه الألفغي.
  • محمدا بن بوحمد المجلسي.
  • البدوي بن محمدا المجلسي.
  • محمد العاقل الديماني.
  • خديجة بنت محمد العاقل الديمانية.
  • سيدي عبد الله بن محم (بن رازكة) العلوي.
  • محمذن بن ببان العلوي.
  • المختار بن باب حونن الحسني.
  • أشفغ المختار الشقروي.
  • محمد بن بوحمد المجلسي.
  • محمدا بن بوحمد المجلسي.
  • البدوي بن محمدا بن بوحمد المجلسي.
  • المختار بن باب حسونن الحسني.

كان يضرب الصبيان ﻭاستقى ﻋﺰﻣﻪ ﻣﻦ ﻧﻤﻠﺔ:

نشأ العلامة ول بون في بيت جذوره ممتدة في العلم والصلاح، ﻭﻟﻢ ﻳﺸﺘﻐﻞ ﺑﺎﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻛﺒُﺮ، وكان أخوه الأكبر أحمدمزيد يصحبه معه إلى المحظرة، لكنه كان بليداً في أول طلبه للعلم، حتى عيره البعض بالجهل، وبعد صبر ومثابرة فتح الله عليه بعد نومة طويلة وتحكى قصة نومه الذي فُتِحَ عليه فيه كأسطورة شعبية لتبرير سبب قوة العلامة ول بون العلمية، والتي تعتبر من خوارق العادات في نظر الكثيرين عندما كان يدرس على المختار بن حبيب الجكني.

ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺃﻭﻝ ﺃﻣﺮﻩ ﻳﻀﺮﺏ ﺍﻟﺼﺒﻴﺎﻥ ﻭيأخذ ﻣﺎ ﺑﺄﻳﺪﻳﻬﻢ، فقام ذات يوم بضرب صبي وأخذ ما في يده، ﻓﺎﻧﺘﺼﺮﺕ أم الصبي ﻟﻪ، ﻭﺳﺒﺖ ول بون ﺳﺒّﺎً قبيحا، بل ﻭﻋﻴّﺮﺗﻪ ﺑﺎﻟﺠﻬﻞ، ﻓﺄَﻧِﻒَ المختار ول بون ﻟِﺬَﻟِﻚ، ﻭﺳﺎﺭ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻋِﻠﻢ ﺃﺑﻮﻳﻪ، ﻳﺮﻳﺪ الشيخ ﺍﻟﻤﺨﺘﺎﺭ ﺍﺑﻦ ﺣﺒﻴﺐ، ﻓﻮﺻﻞ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﺷﺮﻉ ﻓﻲ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍلأﺟﺮﻭﻣﻴﺔ ﻓﻠﻢ ﻳَﻔﻬﻤﻬﺎ ﺛﻢ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ.

ﻭﻟﻪ ﻗﺼﺔ ﻓﻲ ﺫﺍﻟﻚ ﻣﺸﻬﻮﺭﺓ وهي أنه استقى ﻋﺰﻣﻪ ﻣﻦ ﻧﻤﻠﺔ ﺷﺎﻫﺪﻫﺎ ﺗﺤﺎﻭﻝ ﺍﻟﺼﻌﻮﺩ ﺛﻢ ﺗﻜﺮﺭ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﻣﺮﺍﺕ حتى اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺫﻟﻚ ﻓﻌﺰﻡ ﻋلى ﺃﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺿﻌﻒ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﻤّﺔ.

ﻭﻟﻤّﺎ ﻇﻬﺮ ﺍﻟﻤﺨﺘﺎﺭ ول بون ﻭاﻧﺘﺸﺮ ﺫِﻛﺮﻩ ﻓﻲ بلاد شنقيط، أنهال عليه الطلاب ﻣِﻦ ﻛﻞ ﻭﺟﻬﺔ، ﻭكانت قبيلة ﺇﺩَﻳْﻘُﺐْ تأخذ ﻋﻨﻪ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ، ﻭﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﺠﺎﺭى فيهما، ﻓﺄﻗﺎﻡ ﻋﻨﺪﻫﻢ فترة من الزمن ﻓﻮﻗﻌﺖ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻨﺎﻇﺮﺍﺕ ﺃﺩّﺕ ﺇلى ﺍﻟﺸِّﻘﺎﻕ ﻭﺃﻃﺎﻟﻮﺍ ﺍﻟﺸﻘﺎﻕ ﺛﻢ اﺳﺘﺴْﻤﺤﻮﻩ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻪ (ﺗَﺎﻟﻠﻪِ ﻟَﻘَﺪْ آﺛَﺮَﻙَ ﺍﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻨَﺎ ﻭَﺇِﻥْ ﻛْﻨَّﺎ ﻟَﺨَﺎﻃِﺌِﻴﻦ) فقال (لَا ﺗَﺜْﺮِﻳﺐَ ﻋَﻠَﻴْﻜُﻢُ الْيَوْمَ ﻳَﻐْﻔِﺮُ ﺍﻟﻠﻪُ ﻟَﻜُﻢْ ﻭَﻫُﻮُ ﺃَﺭْﺣَﻢُ ﺍﻟﺮَّاﺣِﻤِﻴﻦ).

من أشهر تلاميذه:

  • ابن مقامه الجكني.
  • أحمد المقري العلوي الطبيب.
  • أحمد مولود بن الشيخ سيدي الأمين الجكني.
  • إدييج بن عبد الله الكمليلي، توفي 1277هـ.
  • بلا بن الفاضل الشقروي، توفي 1274هـ.
  • حبيب الله (الإمام) بن ماناه.
  • حرمة بن عبد الجليل العلوي من قبيلة إدوعلي 5كمرا، موسى. (2009). تاريخ قبائل البيضان عرب الصحراء الكبرى. الطبعة الأولى. دار الكتب العلمية. لبنان، بيروت.، 1151هـ 1243هـ.
  • سيد عبد الله بن أحمد دامُ الحسني، 1166هـ 1286هـ.
  • سيدي عبد الله بن الفاضل الشمشوي، توفي 1209هـ.
  • سيدي عبد الله ولد الحاج ابراهيم العلوي، 1152هـ 1233هـ.
  • سيدي محمد بن سيدي عبد الله بن الحاج ابراهيم العلوي، توفي 1250هـ.
  • عبد الله بن الطالب أحمد الغلاوي، توفي 1209هـ.
  • العبد بن النحوي بن المختار بن بوب.
  • غالي بن مختار فال من قبيلة ديبوسات 6كمرا، موسى. (2009). تاريخ قبائل البيضان عرب الصحراء الكبرى. الطبعة الأولى. دار الكتب العلمية. لبنان، بيروت.، توفي 1240هـ.
  • فحفُ (عبد الرحمن) بن المختار المسومي.
  • قاظين بن الأمين التندغي.
  • المامون بن محمذٌ الصوفي (إداتفغ)، 1133 -1232هـ.
  • المجيدري بن حبيب الله اليعقوبي، توفي 1204هـ.
  • محمد (لمجيدري) بن حبلَّ اليعقوبي، 1165هـ 1204هـ.
  • محمد بن امبارك.
  • محمذ بن عيدَّ الجكني، أواخر القرن 12 – أواخر القرن 13.
  • المختار بن حبيب (الصغير) الجكني.
  • المختار بن حبيب فال بن التلاميد.
  • المختار بن سيدي أحمد بن سيدي الهادي التمدكي.
  • المصطفى بن حبيب الجكني.
  • المصطفي بن جمال الدين  التندغي.
  • مولود بن محمد اجويد  اليعقوبي، 1171هـ 1243هـ. 7بوابة الشعراء
  • الهاشمي بن الأمين اليدسمي.
  • سيدي مولود بن محمد بن الشيخ سيدي الأمين بن حبيب الرمضاني الجكني 8بن حامد، المختار. (2011). حياة موريتانيا حوادث السنين أربعة قرون من تاريخ موريتانيا وجوارها. ط1. هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث.

مؤلفاته وعطاءه العلمي:

ﻛﺎﻥ ول بون (ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ) منكباَ على ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﻣﻦ ﺃﻧﻔﻊ ﻣﺎ ﺃﻟّﻒ ﻧﻈﻤﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻤّﺎﻩ (ﺍﻹﺣﻤﺮﺍﺭ)، ﻋﻘَﺪ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﺴﻬﻴﻞ ﺍﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ، ﻣﺎﻳﺬﻛﺮﻩ ﻓﻲ ﺍﻷﻟﻔﻴﺔ، ﻭﻣﺰﺟﻪ ﺑﻬﺎ ﻣﺰﺟﺎ ﺟﻴﺪﺍ ﻳﺪﻝّ على ﻣﻬﺎﺭﺓ ﺗﺎﻣﺔ.

ظهرت أولى مؤلفات المختار بن بونا سنة 1123هـ وهو كتاب (مبلغ المأمول إلى قواعد الأصول)، ثم كتاب (تحفة المحقق في حل مشكلات المنطق) عام 1151هـ. ومن أهم مؤلفاته (الجامع بين التسهيل والخلاصة المانع من الحشو والخصاصة) وهو نظم في النحو، يزيد عن ألف بيت عقد فيه من تسهيل بن مالك ما لم يذكر في الألفية، ومزجه بها مزجا دقيقا، يعرف لدى الطلاب بالاحمرار وله عليه تعاليق تعرف ب(الطرة). وكتاب (تبصرة الأذهان في نكت المعاني والبيان)، و(وسيلة السعادة) في العقيدة الأشعرية. وقد ترك العلامة المختار ول بون مكتبة غنية تناولت جميع حقول المعرفة نذكر منها ما يلي:

  • (الجامع بين التسهيل والخلاصة المانع من الحشو والخصاصة) وهو نظم في النحو يزيد على ألف بيت عقد فيه من تسهيل بن مالك ما لم يذكر في الألفية ومزجه بها مزجا دقيقا. ويعرف هذا الكتاب لدى الطلاب بالكتاب ب(احمرار ابن بونا) لكتابته بذلك اللون، كما يعرف ب(الطرة)، وقد شرحه أكثر من ثلاثين عالما.
  • (المقدمة النحوية) وهو كتاب نثري في النحو وضعه على غرار كتاب ابن هشام (قطر الندى وبل الصدى) وقد نظمه بعض العلماء.
  • نظم سلم الطالبين في قواعد النحويين.
  • (نظم الجمل) وقد خصصه للمباحث المتعلقة بإعراب الجمل، وقد شرحه تلميذه سيدي محمد بن سيدي عبدالله ابن الحاج ابراهيم.
  • (إرشاد الصغار) وهو مؤلف نثري في النحو لا يتجاوز بضع صفحات وضعه للمبتدئين.
  • (تبصرة الأذهان في نكت المعاني والبديع والبيان) وهو نظم حاوٍ لعصارة البلاغة كما هي في التلخيص للخطيب القزويني
  • (تحفة المحقق في حل مشكلات المنطق) وهو نظم في حوالي 300 بيت ضمنه مختصر السنوسي وزيادة.
  • (مبلغ المأمول إلى قواعد الأصول) وهو نظم يتألف من 1600 بيت عقد به جمع الجوامع لابن السبكي، ويعتبر أقدم مؤلف موريتاني في هذا الفن.
  • (درر الأصول في علم الأصول) وهو نظم يقع في حوالي 300 بيت.
  • فتاوى متنوعة منها ما يسمّى (عنديات المختار بن بونا).
  • أنظام متفرقة في الفقه وفي الأنساب، من ضمنها (نظم النسب المغفري).
  • عدد من القصائد ذات عناوين متنوعة.

مدرسة موسوعية متنقلة:

تألّق عطاء مدرسة المختار ول بون ابتداء من الربع الأخير من القرن 12 الهجري فقد كانت محضرته من أعظم المدارس في عهدها إذ كانت تجمع جميع أبناء شنقيط والمناطق المجاورة لها فلم تكن مدرسة لقبيلة بعينها ولا لجهة معينة وإنما كانت مدرسة عامرة تعمل على كشف غياهب الجهل وتوفر زلال المعين الفكري لكل ظامئ، ولذا شاع في القبائل ذكره حتى تنافست في استضافته وكسب وده بل ما من قبيلة إلا وتتلمذ عليه أفراد منها.

ولقد كانت مدرسة المختار بن بونا مدرسة تعطي للعقل حقه وتستخدم مختلف الأدوات من منطق ودراسة موسوعية للنحو ولأصول الفقه وغير ذلك ولذا وصفها البعض بأنها كانت مدرسة موسوعية في منهجيتها وفي محتواها.

وقد كانت مدرسة المختار بن بونا مدرسة متنقلة حتى شق ذلك الترحال على أحد طلبته فقال:

لك اللهُ من شيخ إذا ما تبوأتْ
تلاميذه مأوًى لنصب المدارس

تيمَّمَ ميمون الخصاصة فاترا
على ظهر مفتول الذراعين عانس

يفزِّعُ نون البحرِ طورا وتارةً
يُهَدِّمُ جُحْرَ الضب في رأس مادس

وقد كانت تدرس في هذه المدرسة شتى أنواع العلوم الشرعية واللغوية، وقال العلامة حرمة بن عبد الجليل يصف محظرة المختار:

فيها تجمع سيبويه ويوسف
والكاتبي والأشعري وأشهب

بل أن المختار بن بونا نفسه وصف مدرسته في إحدى قصائده فقال:

ونحن ركب من الأشراف منتظِم
أجلّ ذا العصر قدْرا دونَ أدنانا

قدِ اتخذْنا ظُهور العِيسِ مدرسة
بها نبيِّن دِين الله تِبْيانا

نتلو كتاب إلهِ العرش كل مسا
وكل يوم فمَنْ نلقى تَوَقّانا

وكان للمختار ول بون (رحمه الله) أخلاقاً من الجود والحلم والصبر على التدريس ما جعل طلابه يحرصون كل الحرص على مصاحبته مهما كانت التحديات.

طرائف ونوادر المختار ولد بونا:

لول بون طرائف و نوادر كثيرة، منها أن رجلاً قال ذات يوم لزوجته وقد سألته شيئا: (لك ما أحببتِ)، فأخذت ثلاث تطليقات، ثم بكت. فقام يطلب فتوى من علماء زمنه في هذا فكلهم أفتى بالتحريم، حتى أتى المختار ول بون فقص عليه ما حدث، فقال له: لم تطلَّقها أي طلقة فما بالك بثلاثاً، إنما أعطيتها ما رضيت، والثلاث لن ترضَى بها، وهي محبة لك والدليل على ذلك بكاؤها، ولما بلغ ذلك تلميذه سيدي عبدالله بن الحاج إبراهيم العلوي قال: إن ول بون يأخذ من مآخذ لا يُؤخذ منها لجودة فهمه.

ومنها أن قبيلته تجكانت وقع بينهم وبين قبيلة من زوايا القبلة نزاع في ديه فظهرت الحجة على تجكانت، فجاؤوا محظرة ول بون فأخبروه بذلك، فقال: بما ظهروا عليكم؟ قالوا: بشهادة فلان، وهو عدل واسمه في غاية من القبح والفظاعة. فقال لهم: أيجيب من دعاه بهذا الاسم؟ فقالوا: نعم. فقال: إنه لا يشهد، ولا أعلم لهذا نصا، ولكن من هذا اسمه لا يشهد؛ لأنه رضي لنفسه الدناءة بإجابته من دعاه بهذا، وذلك أيُّ قادح. فرفعوا ما قال للقاضي الذي يحكم بينهم، فبحث عن ذلك فوجد ما قال العلامة ول بون في المدونة.

ومنها أنه ركب إلى قوم قريب منه يريد ما يأخذه الشيخ من تلامذته، وقد كان كثيرا ما يأتيهم قبلُ، وقد كان فيهم رجل طبيب، فقال الطبيب لقومه: يا قومُ ما لكم في كل عام تعطون أموالكم في غير شيء؟ فبلغَه واشٍ ما قال الطبيب لقومه، فلما صلى الظهر قال المختار: أفلانٌ –يعني الطبيب- هنا؟ فقالوا: نعم. وكان مشهورا في الطب. فقال المختار: اشهدوا وليشهد من حضر أني أدين الله بأنه ضامن ما أتلف من نفس ومال لأنه طبيبٌ جهِلَ. ففرحَ وُشاةُ الطبيبِ فأخبِرَ فجاء وقد أحضر حوائج للشيخ، فقال له ما أخبِرتَ به كذبٌ. فضحك ابن بونَا. ولما صلى العصر كتب له إن له الدية في كل من أحيا لأنه يحيي الموتى بإذن الله، فضحك وضحك تلامذته كلهم..

وكان كثير الممازحة لمن رافقه. وله من الكرامات ما لا يحصى. وكان كثير الكشف قلما يهمه أمر إلا وكوشف له به ولقي كثيرا من الأولياء ممن ليس بأرضه كشفا. وكان كثير التواضع؛ أخبرني غير واحد كالوالد عن بعض تلامذته أنه سئل المُقامَ بأرض تگانت فقال: إنه لا يسكن إلا موضعا فيه دواوين هجاء الأقران له. وأنه مات يوم مات وهو أحدُّ ذهنا وأجود فهما من ابن ثلاثين .

وفاته رحمه الله

توفي رحمه الله عام 1220هجري الموافق للعام 1805ميلادي ودفن في منطقة (تباريت) 9الخليل، النحوي.(1987). بلاد شنقيط المنارة والرباط. ط1. المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. تونس. بالقرب من منطقة (المجرية) في ولاية تكانت بموريتانيا.

قبيلة تجكانت

تجكانت قبيلة عربية ينتشر أبناؤها في شمال وغرب إفريقيا إضافة للشرق الأوسط، انطلاقًا من مدينة تنيقي التاريخية على ضفاف وادي إرغيوى شمال صحراء آدرار بموريتانيا.

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى