شخصيات

محمد الحسن بن الإمام الجكني

بيدر

قال مؤلف ثمرات الجنان: (هو العالم العلامة والشاعر الأديب، والبعيد عن أهل البدع وصاحب القلب المنيب، والمهتم بالعلم من أول بدايته، وتعليم الناس طوال حياته، وكان من الأذكياء والنجباء متخشفا ومتواضعا مع الضعفاء والسوقة والبسطاء والفقراء، قوي الشكيمة مع المتكبرين والأغنياء، وما ذكر عنه من نجابة وعلم وذكاء ليس بالغريب، لأنه ورثه من الآباء بالفرض والتعصيب، والدليل على ذلك كثرة العلماء والشعراء في أصله وفرعه، حتى أصبحوا من مواطن العلم ومنبعه ومعينه الذي لا ينضب، حيث أصبح العلم كلمة باقية فيهم لا تنقرض، وكان هذا الرجل قد صحب الخشاة والاستعداد للممات، وكان من أهل الورع ويتجنب الوقوع في الشبهات، سعيا لبراءة دينه وطهارة عرضه من المزريات).

نسبه:

هو محمد الحسن الملقب: (بيدر) بن محمد بن الإمام بن عبد الوهاب بن محَّمْ بن سيدي بن أبي حِلَّة “بُحِلَّة” بن المختار بن أبي بكر بن الحاج بن علي بن عمرو أقلالْ بن اكريل بن علي بن جاكن الحميريّ على أشهر قولين.

يقول أحمد بن أحمد المختار الجكني: (والمشهور في نسب هذه القبيلة في بلاد موريتانيا أنها حميرية، والتحقيق غير ذلك، فإن النسخ المحفوظة في كتب مشايخ هؤلاء ترجع نسبهم إلى غالب جد النبي صلى الله عليه وسلم، غير أنه في سلسلة نسبهم من اسمُه تبّع، فظُن به أنه من التبابعة الحميرية، وإنما هو علَم لأحد أجدادنا، يؤيد ذلك ما يقوله الشيخ محمد الحسن بن الإمام الجكني رداً على أهل البدعة ممن قال شعراً يمدح به شيخه المبتدع ويذمّ به بني جاكان لمجاهرتهم بمعاداة البدعة وأهلها).

قال :

نحن الكرام بني جاكان من مضرا
من غالبٍ جدِّ من فاق الورى خبرَا

يكفيك من شرفٍ محضٍ لنا وعُلاً
أنَّا قريشٌ، وكلٌّ دوننا انحدرا

النهجُ منهجنا والأمن مأمننا
والحقّ مذهبنا والرشد فيه سرى

مولده ووفاته (رحمه الله):

ولد المرحوم محمد الحسن (بَيْدَرْ) سنة 1875م 1292هـ ببلدة قَلاَّقَةْ على أرجح احتمال وتوفي سنة 1372هـ 1954م في بلدة لْمنيْحر قرب قرية كامورْ التابعة لولاية العصابة بموريتانيا، وضريحه بمدفن شَق البَرْكة.

تعليمه:

بدأ دراسته بقراءة القرآن وما تعلق به من علوم كالرسم وعلم القراءة والضبط، وبعد أن حفظ القرآن وما تعلق به من علوم حفظاً جيدا، تفرّغ لدراسة الفقه على الشيخ محمد الحسن بن سيد ابراهيم الجكني وبعض العلماء الجكنيون المجاورين له، وقد أجازه الشيخ محمد الأمين بن محمود بن الحبيب بعد ما تبحّر في العلم وألف كتابه: (عجالة المجوِّد) في علم القراءة، وكان ذلك بعد محاورة جرت بينهما تعرّف من خلالها على مستواه العلمي.

أخلاقه:

لقد عرف محمد الحسن (بيدرْ) بن الإمام بالورع، والكرم، والتقوى، والزهد في الدنيا، وقد كان جلساؤه لا يمَلُّون حديثه، فينهلون من معين علمه، ويتزودون من فيض حِكَمه، ويروون من ريِّق شعره، كما عرف بالسيادة والسخاء والإنفاق، وتربية الأيتام.

من مؤلفاته:

  • عجالة المجوِّد
  • طرد الهمل عن الركوع في حياض العمل. 1الخليل، النحوي. (1987م).  بلاد شنقيط المنارة والرباط.  ط1. المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. تونس.
  • عجالة المجود في التجويد (منظومة). 2الخليل، النحوي. (1987م).  بلاد شنقيط المنارة والرباط.  ط1. المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. تونس.
  • منثور في غريب لغة القرآن. 3الخليل، النحوي. (1987م).  بلاد شنقيط المنارة والرباط.  ط1. المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. تونس.
  • نظم فتاوى عليش. 4الخليل، النحوي. (1987م).  بلاد شنقيط المنارة والرباط.  ط1. المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. تونس.
  • نظم ألقاب الحديث. 5الخليل، النحوي. (1987م).  بلاد شنقيط المنارة والرباط.  ط1. المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. تونس.
  • تفسير القرآن. 6الخليل، النحوي. (1987م). بلاد شنقيط المنارة والرباط. ط1. المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. تونس.

ثناء المعاصرين له:

يقول فيه أحد أبناء عشيرته منوها بخصاله :

ألا بلّغوا عنّي لشيخي تحيةً
تحيةَ صافي الودِّ تمطر بالورْد

فموجبه أن المحاسن عُلِّقت
عليه جميعاً حيث أنشئَ عن قصْدِ

سخِيٌّ تَقِيٌّ عارفٌ متواضِعٌ
أديبٌ أريبٌ في العشيرة كالفرْد

فهذا قليل من محاسن وصفه
محاسنهُ تسمو على الحصرِ والعَدِّ

ويقول فيه محمد بن الشيخ بن باب الجكني:


بلِّغْ سلامي لآل الحاج كلِّهِم
لا زال عزُّهمُ فوق الأعزّاء


أنِّي رأيت فتًى مثلَ اسمهِ حسناً
يُنمَى لحيِّهِمُ عديمَ أكفاء

قد كنت أسمع ما يحويه من أدبٍ
حتَّى رأيت ، وما كالسامِعِ الرَّائي

ويقول فيه محمد الأمين بن الشيخ أحمد المحضري الجكني:

سلامٌ فريد لا يزال يزيد
لمن هو أيضاً في العلوم فريدُ

فموجبه أنّا ملئْنا مودّةً
إليك ومنك القلب جاء عميد

فلا زلت في جاكان تنشُرُ علمهمْ
وتحييهِ حتّى لا يكون بليدُ

ولا زلتَ تنهاهمْ عن الغيِّ والخنا
جميعاً إلى أن لا يكونَ مَريدُ

لك الصيتُ في الآفاق والمجد والعلى
وسعيُك سعيٌ في الأنامِ حميدُ

وإنا لآل الشيخ أحمد عندنا
من الودِّ فيكم طارفٌ وتليد

فلا تنسَني عن ظهر غيبٍ بدعوةٍ
فأنت كريمٌ، بالعلوم سعيد

تلاميذه:

تعتبر محضرة محمد الحسن (بيدر) من أعرق وأشهر المحاضر الموريتانية، وقد نهل من معينها وعلّ من زلالها منذ نشأتها مئات الطلبة، فقد أسسها في أواخر القرن الثالث عشر الهجري، واستمرّت في العطاء في زمنه ينهل منها طلاب العلم في شتى العلوم الشرعية من قرآن وعلومه، وفقه وأصوله، وعربية: نحواً، وصرفا، وبلاغة، وعلوم أدب.

وقد تخرج على يده في شتى فنون المعرفة علماء مشهورون، وأدباء بارزون، ودعاةٌ مؤثّرون، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر:

  • الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار الجكني المعروف بـآبَّ بن اخطورْ مؤلف أضواء البيان، ودفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب، والرحلة، وآداب البحث والمناظرة، وغيرها من المؤلفات.
  • أحمد بن عمار الذي فاق أقرانه في سرعة الفهم، فقد كان ذا بصيرة جيدة ورأي نافذ في الفقه، وهو أيضا من مشايخ محمد الأمين المتقدم الذكر، وكثيرا ما يشير له من بين مشايخه بلفظ (العلامة) ولم يمنح هذا اللقب لغيره من مشايخه كما ذكر تلميذه عطية محمد سالم.
  • محمّد بن (بَيْدرْ) بن الإمام ، أخذ عنه الفقه ومبادئ العلوم، ثم أراد التخصص في علم النحو، فرحل إلى محضرة (أهل ابَّاتْ) فأتقن ألفية ابن مالك، ولامية الأفعال، ثم عاد إلى بلده ليتفرغ للتدريس، له ديوان جمعه، وحقّقه الباحث الدكتور سيدي محمد بن البشير – المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية بنواكشوط 1991- كما أن له نظما في بيان إعراب الْجُمل مازال مخططوطا.
  • محمد العاقب بن (بَيْدَرْ) بن الإمام ، عُرف بسرعة البديهة في كل أنواع العلوم، إلا أنه اشتهر بحَلِّ النوازل المستعصية، ودقة الفهم في علم الفقه، والتبحُّر في علم القراءات، ولم يلبث أن تصدَّى للتدريس، فكان يتعلم ويُعلِّم في نفس الوقت، وقد أخذ عنه بعض معاصريه سند الإجازة وهو في حدود العشرين، ترك عدَّة مؤلفات يدور معظمها حول العقيدة، وعلوم القرآن ، تحمَّل أعباء التدريس، والإفتاء، والقضاء في محضرة والده إلى أن انتقل إلى رحمة الله تعالى سنة 1993م.
  • محمد الأمين بن (بَيْدَرْ) بن الإمام، درس عليه القرآن الكريم والفقه حتى أجازه، ثم انتسب إلى محضرة لمرابط (ابَّاهْ) بن محمد الأمين، بلغ حدَّ الدهاء في فهم المسائل، وسرعة الحفظ، وجودة الشعر، له نظم في غريب اللغة.
  • ابن عمه : الشيخ محمد بن سيدي محمد
  • أعمر بن مَحّمْ بَوْبَّهْ الجكني ، فاق أهل زمانه في الحفظ والتبحّر في جميع فنون العلم ، إلا أنه اشتهر بالامتياز في علم القراءات والنحو ، وله تآليف فيها ، منها كتابه : الفارق بين رواية ورش وحفص ، وهو نظم مشروح ، وقد طبع ، وبالجملة فإن طلبته لا يمكن حصرهم ، لكثرة عددهم داخل قبيلته وخارجها.

هذه السيرة منقولة من كتاب (إفادة الأريب من لغة القرآن بالغريب) للشيخ محمد بن سيدي محمد الجكني وهو نظم لغريب القرآن للعلامة محمد الحسن بن الإمام الجكني . تحقيق حفيد مؤلف الأصل المنثور الطالب زيدان بن محمد العاقب بن الإمام.

قبيلة تجكانت

تجكانت قبيلة عربية ينتشر أبناؤها في شمال وغرب إفريقيا إضافة للشرق الأوسط، انطلاقًا من مدينة تنيقي التاريخية على ضفاف وادي إرغيوى شمال صحراء آدرار بموريتانيا.

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى