مقالات الرأي

الحزن السيطرة التقليدية أو الخروج بإيجابية

ما دعاني الى كتابة هذا الموضوع ما تعرضت له سابقاً وحالياً من حزن وألم من فقدنا الأحبة وما تركه من أثر في نفسي أثر عليها وعطل جزء منها. وسلامة النفس أمر جلل ادعى لان يحفظها الانسان ويبذل لها الغالي والنفيس، كيف يمكن ذلك وقد أعطيت كل مفاتيح نفسك لسيطرة الحزن على ذلك الجسم العليل.

دعوني أخبركم بتجربتي، في وفاة غاليتي ووسادة همي “أمي” عفتي الغالية -كما أحبت أن أدعوها بها- رحمها الله. في سنواتها الأخيرة رحمها الله تعرضت عفتي لعوارض صحية كثيرة كتب الله أجرها لصبرها و احتسابها ذلك عن الكريم المتعالي، حتى أصبحت طريحة الفراش، هنا بدأت السيطرة التقليدية في طرح نفوذها و استحواذها على جسدي العليل، بين مراعاتها و محاولتي في التخفيف عنها حتى قدر الله و أدخلت المشفى في حالة غيبوبة تامة و نقص حاد و متغير في مؤشراتها الحيوية، و استسلمت نفسي لصولات وجولات الحزن، فتارة يضرب في نومي و تارة يتوغل في عقلي حتى تعطل فكري و مظهري، أصبحت ذلك العجوز المتزمت صاحب التجاعيد شارد الذهن والتركيز، و من شدة وطأة حزني أثر ذلك في نمطي حياتي الأسري، فقدت تلك الدعابة، ونسيت رنين الضحك.

حتى جاء أمر الله وفاضت روح عفتي إلى باريها، أظلم كل شيء، لم أعد أميز من أمامي، ومن أتى لمواساتي، أصبح كل شيء بلا معنى وبلا حدود، ساد ذاك السواد أيام وشهور، إلى أن ألهمني ربي في سؤال أسأله نفسي، إلى متى؟ ما تبغى تفكها؟ (باللهجة العامية).

ذلك اللطف الخفي الذي أكرمني به المولى أو بدعاء أبي (عرابي) أو دعوة في ظهر الغيب أن جعلني أسأل نفسي ذلك السؤال. اخذت استحضر ما مررت به وأسرد ما وقعت فيه من ظلام، الى أن توصلت الى خارطة كاملة، عرفت خلالها كيف تسرب حزني الى جسدي العليل وكيف تفاعلت معه، ذهبت أبحث في فضاء العنكبوتية عن تفاصيل الحزن وما هي أسلحته، واستشرت أهل الاختصاص حتى أعود الى سابق عهدي.

كم من الصعب أن تكون جسد خالي هش يسقط في شباك الحزن حتى يمتلكه كان بالأحرى له أن يكون صابرا محتسب ينفع نفسه وينفع ميته، لذلك أرى من واجبي أن أبين تلك الشباك والفخاخ حتى تكون متسلحاً متسامحاً مسلماً بما كتب الله وتحفظ نفسك وحفظ النفس أمر عظيم.

قدر الله وما شاء فعل

بمجرد تيقنك بهذا الأصل تذللت لك باقي الصعاب، صبرك واحتسابك على أمر كان مقضياً يدعوا الطمأنينة في النفس واحتساب الأجر عنده تعالى.

تيقن دائماً أننا راحلون شئنا أم أبينا، وأنها سنة الله في الكون. لا نعترض ونسلم وندعو بالرحمة والغفران وجنة الرضوان لهم.

احتسب ثم احتسب ثم احتسب، اغسل حزنك بالدعاء والصدقة للميت ولا تجعل نفس فريسة لأولى الفخاخ “الاعتراض”، دحضك لذلك صد عنك بداية السقوط.

الشوق والحنين

الفخ الخفي، حيث إنكم لا تدركون ما قد ينتجه وما قد يحققه لتكون فريسة الحزن. كيف لا يعقل أن يشتاق الإنسان لمن توفى عنه عوضا عن كونه قريب أو عزيز، واسي شوقك في دموعك، وأعطي نفسك فرصة تخفف بها عن نفسك، اعتزل مكان هادئ واغسل حزنك بدموعك، لا صياح ولا نواح، فقط دموعك ودعواتك، تذكروا قول النبي –صلى الله عليه وسلم- لما مات ابنه إبراهيم: (العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون).

المسؤولية أكبر

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله ﷺ قال: (إذا مات ابن آدم؛ انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له).

أنت صاحب الزمام والمتفرد في ذلك، كن على الدوام صاحب المعروف والعطاء، تذكر فقيدك دائما من صدقة أو علم تعلمته منه تعلمه من بعد أو الدعاء له، فما بالك لو اتممت الثلاثة كلها بما تستطيع، فكر وبسط الأمر ستجده ممكن ومجدي لنفسك أنك أنجزت له شيء يوضع في ميزان حسناتكم.

لا تكثر التفكير

هنا أشرسها وافتكها، سوف تبدأ بتذكر مواقف الماضي وكم كان وجود الفقيد في حياتك فتسهب وتنطلق حتى تجد نفسك في مغارة الحزن لن تستطيع الخروج، لذلك ما أن تستحضرك تلك الهواجس إبد فوراً بخطة الهروب، غير موقعك الحالي، ابحث عن كتاب او مجلة تصفح بها، احتسي مشروبك المفضل او قم بممارسة المشي، إذا لم يتوفر ذلك استخدم هاتفك المحمول في البحث او الاستماع لأي محتوى. سوف يسهم ذلك في ايقاف استحضارك للمواقف في العقل الا واعي ويحد من تفكيرك السلبي بإذن الله تعالى.

القاعدة الذهبية

  • خلاص القول لا تجعل نفسك فريسة احزانك، تذكر دائما أنك تستطيع الخروج بنفسك من اي حزن كان.
  • الصبر والاحتساب مفتاح عظيم لا تضيع اجره.
  • الدعاء والصدقة أفضل ما يمكن عمله، لا تتأخر ولا تتكاسل، ولا تجهد نفسك ” قليل دائم خير من كثير منقطع”.
  • اغسل حزنك بدموعك، اعتزل مكان هادئ تذكر لا صياح ولا نواح.
  • صمم لك طريقة للهروب من الهواجس واستحضار الماضي، لا بأس ان تتذكر والاهم الا تفرط وتكون أسيرا لذلك.

نصيحة محب ساعدتني كثيراً اطرح على نفسك هذا السؤال، هل الفقيد / الفقيدة عندما يراني في هذه الحالة يسر بذلك ام يأثف ويحزن لحالي؟ جواب ذلك أجعله نصب عينك.

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى